الكابوس

عندما ننظر نظرة عامة خاطفة إلى المآل الذي وصل إليه عالمنا العربي ... سنكتشف بكل بساطة أننا نعيش كابوساً مقيتاً مظلماً طويلاً ... كابوس لأنه يحوي كل ما في الكوابيس من عبثية وضياع ولا منطقية ! كابوس لأنه غير معقول ... ولا يمكن تصديق تفاصيله وأحداثه بأي ميزان عقلي ، إلا أنك تراه أمامك ماثلاً وجاثماً على أنفاسك بكل ما فيه !

في الجزائر تُنتخب مومياء بوتفليقة للمرة الخامسة على التوالي وكأن الجزائر بطولها وعرضها صارت صحراء قاحلة خالية من العقول والأكاديميين والوطنيين الصالحين عن جدارة لتولي الرئاسة ! وفي مصر يعدلون الدستور بالإجماع في لعبة رخيصة مكشوفة لإبقاء السيسي على كرسي الرئاسة ! وفي السعودية لازال بن سلمان رائحاً غادياً مرحباً به في كل المؤتمرات الدولية الهامة بالرغم من ثبوت تورطه في مقتل خاشقجي واعتقال معارضيه واعدامهم ، وبالرغم من حربه العبثية التي لا طائل منها في اليمن ! وفي سوريا يتسابق العالم أجمع لشرعنة نظام بشار والتطبيع معه وإعادته إلى الساحة الدولية ودعمه بكل الطرق ليعيد السيطرة على سوريا بقبضة من حديد ونار ودم ... بالرغم من انه مجرم حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معان بعد مقتل نصف مليون من شعبه وتشريد 15 مليوناً وتدمير البلاد على بكرة أبيها !!! ويتشدقون بعدائهم لإيران وثبوت تورطها في دعم الارهاب عالمياً وخروجها عن منظومة المجتمع الدولي ، ويتركونها في الآن ذاته تعربد وتسرح وتمرح في طول الوطن العربي وعرضه بلا ضابط ولا رابط مسببة المزيد والمزيد من الدمار والرعب وسفك الدم !!!

أين المشكلة ؟ يحب علينا حقاً أن نشخص علة هذا المستنقع الآسن الذي بتنا نعيش فيه بلا أي أمل ! هل المشكلة في الشعوب الخانعة الراضخة الذليلة ؟ هل المشكلة في المنظومة الأمنية والعسكرية الأخطبوطية الطاغية التي تحكم كل بلد عربي ؟ هل المشكلة في الصمت الدولي المريب العجيب إزاء كل هذه المهازل والجرائم ؟ وحتى لو لم يصمت المجتمع الدولي ... وتكلم ، فلماذا هذا التراخي العجيب جداً جداً في التعاطي مع كل هذه الكوارث ؟ لماذا عندما أرادوا إسقاط النظام العراقي السابق أسقطوه خلال شهر واحد فقط ودون وجود أي حجة قوية أو مبرر منطقي ووسط استنكار العالم أجمع لما فعلوه وقتذاك ؟ ما لذي يجري فعلاً ؟ لماذا كل هذا الحجم المهول المخيف الضخم من التآمر على شعوبنا وأوطاننا ؟ لماذا يجب علينا أن نحيا فقط تحت سطوة الطغاة وغطرستهم وكذبهم وإجرامهم ... بينما تقوم الدنيا ولا تقعد إذا مات كلب واحد فقط في أحد شوارع (العالم المتحضر) ! هل كتب علينا ان نحيا في ظل هذا الكابوس المظلم للأبد ؟ ألا وجود لذرة نور واحدة ... واحدة فقط ؟