top of page
بحث

عن (الحوار الهادئ) ورسالة الشيخ معاذ

صورة الكاتب: محمد حسن أطرشمحمد حسن أطرش

تاريخ التحديث: ٢٦ يوليو ٢٠٢٣


الشيخ معاذ

أثارت الرسالة المصورة التي وجهها السيد معاذ الخطيب الرئيس الأسبق للإتلاف الوطني السوري لقوى الثورة عاصفة هوجاء من الانتقادات والسخرية والاستهجان ، كان أغلبها نابعاً للأسف من أحكام جاهزة وتحيزات مسبقة من طيف واسع ممن ينتمون لمعسكر الثورة بكل أسف ! فبعض الثوار لم يعد يرضيهم إلا لغة العنف والحقد وسفك الدم ، وباتوا يشيطنون كل من يخالفهم ولو في مفردة واحدة من مفردات حقدهم الأهوج الأعمى الذي يتوهم الحق والحقيقة في أمور لم تعد تودي بنا إلا إلى مزيد من الظلام والضياع . استمعت شخصياً إلى رسالة الشيخ معاذ مراراً وبكل عناية وانتباه وانا في كامل التجرد والحيادية – وليس بيني وبين الشيخ معاذ أي مصلحة أو تحيز مع أنني لم ولن أخفي يوماً احترامي العميق له – وسجلت النقاط التالية على هامش رسالته تلك فيما يلي :

· قد تختلف أو تتفق مع السيد معاذ الخطيب ، ولكن ليس من حقك أن تستخدم ضده تلك السخرية السطحية التي لا تليق إلا بالمراهقين .

· بعض (المراهقين) لم يروا من كلمة الشيخ معاذ إلا (العنوان) ، ولم يخطر على بالهم مجرد فتح الفيديو ومشاهدته حتى النهاية !

· كلام الشيخ معاذ بالمجمل ليس رسالة هادئة ! بل رسالة قوية موجعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ! اسمعوها جيداً وبتمعن بدلاً من كيل الاتهامات المعلبة والأحكام الفارغة .

· بعض الناس – ممن ينتسبون للثورة للأسف – لم يعد يرضيهم إلا لغة الحقد والكره وسفك الدم ، وكل ذلك بحجة القصاص ونيل الحق المسلوب ! الشيخ معاذ تحدث عن (المظلوميات) اللامتناهية التي أدخلت كل المكونات السورية في حلقة مفرغة من الانتقامات الأزلية ، ومالم نخرج جميعاً من هذه الدائرة المقيتة إلى مشروع بناءٍ وطني حقيقي فلن تنتصر أي ثورة ، ولن يكون مصير بلادنا إلا الجحيم الأبدي !

· منطق عنوان الرسالة بحد ذاته سليم ومتماسك ، وإسقاطه على كلام الله عز وجل لا غبار عليه . فرعون مصر فعل الويلات ، ومع ذلك أمر الله جل وعلا نبييه موسى وهارون بأن يقولا له قولاً ليناً .... ليس من أجل فرعون نفسه ، بل لكي يكون رفضه وإجرامه حجة عليه بالرغم من كل الرحمة الإلهية والمنطق الهادئ . فأين الغلط والشطط في رسالة الشيخ معاذ ؟ من يعيبها عليه ، فليعب كلام الله في القرآن إن تجرأ !

· جميعنا يعرف ويدرك بأن بشار الأسد مجرد واجهة وألعوبة بيد النظام السوري العميق الذي سبب كل تلك الفظائع في سوريا ، طبعاً ذلك لا يعفي بشار من مسؤوليته ، وفي الوقت ذاته لا يعني عبثية الرسالة التي وجهها الشيخ معاذ إليه .

· رسالة الشيخ معاذ ليست مجرد رسالة إلى بشار – وأشك أصلاً بأن بشار سيراها أو يسمع بها – بل هي في مضمونها وغايتها وحقيقتها رسالة إلى الشعب السوري كله ، وإلى كل الغيلان والذئاب المسعورة التي لا هم لها إلا التشبث بالمناصب وملئ الجيوب وسفك الدم ورفع الشعارات الفارغة ... بما فيهم المحسوبون على الثورة ، زوراً وبهتاناً وتسلقاً .

· الحوار الهادئ ومنطق التفاوض بحد ذاته لا يعني إعفاء المجرمين من جرائمهم ! مستنقع الدم والفساد الذي غاصت فيه سورية خلال سنيّ الثورة لا يعفي أي أحد من المسؤولية ، وفي جانب الثورة للأسف أناس متورطون في هذا المستنقع شئنا هذا أم أبيناه .

· كل الأطراف في خضم صراعاتهم الدموية المحمومة نسوا أن لنا وطناً .... وطناً فيه أعراضنا وثرواتنا ومستقبل أطفالنا . أين الوطن اليوم ؟ وأي طرف من كل الأطراف أفاد هذا الوطن إن بمقاومته وممانعته أو بثورته أو بخلافته أو بإمارته أو بالكانتون الديمقراطي الذي يتشدق به ؟ الكل مسؤولون ومدانون ! كلهم مجرد امراء حرب ومنفذون لأجندات أجنبية خارجية لا يعنيها إن صارت بلادنا رماداً وأثراً بعد عين ! ولو جاز لنا أن نعتبر الثورة هي الطرف المحق الوحيد بين كل هاتيك الأطراف ... فالثورة الحقيقية انتهت منذ أن بدأ دخول المال السياسي والعسكري إلى الجيوب ، ومنذ أن بدأ بائعو المازوت والحشيش بالتحول إلى قادة وأمراء !

· يكفي الشيخ معاذ أنه أدان الجميع بلا أي استثناء في رسالته ، فهو على الأقل يقف في منطقة وسط بين كل الأطراف المتناحرة وداعميهم دون أي تحيز لأي طرف ودون التزلف أو الممالأة لأي جهة او طرف أو دولة او حزب او جماعة أو هيئة ... وهذه شهادة حق وشرف تكفي هذا الرجل ، ولولا نظافة يده وشرف مبادئه لكان حتى الآن يترأس الائتلاف الذي أعلن استقالته منه منذ ست سنوات بعدما رأى الأطماع المسعورة والكلاب الجائعة التي تقف وراءه وتتغلغل فيه . اما من منصف يعترف بهذه الحقيقة وينصف بها الشيخ معاذ حتى وإن اختلف معه في وجهة نظره ؟

· لقد آن لنا أن نستيقظ من أحلامنا الوردية بعد أن مضت ثماني سنوات على ثورتنا ، وبعد سقوط أكثر من نصف مليون شهيد بريء ونزوح أكثر من عشرة ملايين سوري داخلياً وخارجياً عن مدنهم وقراهم ، واكتظاظ السجون بأكثر من مائتي ألف معتقل بينهم نساء وأطفال ، ودمار أكثر من سبعين بالمئة من سوريا عمرانياً وخدمياً واقتصادياً ! شعارات الثورة التي رفعناها في أول عام أو عامين للثورة لم تعد تنفع الآن بعد أن تحولت سوريا إلى مستنقع حقيقي للصراعات وتشابك المصالح وتصفية الحسابات . ومالم يخرج بعض العقلاء من جانب الثورة لصياغة خطة عمل جديدة بالكامل تحفظ ما تبقى من وطننا وشعبنا وتوقف هذا الكابوس الأسود ، فلن نصل إلى أي نتيجة ، وسيتعفن أحباؤنا في السجون إلى يوم الدين ، وستتحول سوريا – أو ما تبقى منها – إلى صحراء جرداء قاحلة لا تصلح إلا كمكب لكل نفايات العالم (المادية منها والمعنوية) .

· أعود وأكرر ، الحوار لا يعني الضعف والتنازل ، والبحث عن ميثاق وطني جامع لكل السوريين لا يعني ترك المجرمين والسكوت عنهم ، إلا أن لكل شيء أواناً ، ولكل مقام مقال ، ولكل حالة خطة عمل لا تصلح إلا لها ... وحالتنا باتت في خطر حقيقي بعيداً عن كل الشعارات العاطفية الجوفاء التي لا طائل منها .

أنا أعلم تمام اليقين بأن كلامي هذا لن يعجب الكثيرين ، وقد أخسر أصدقاءً أعزاء بسببه ! إلا أنني لم استطع السكوت هذه المرة وقد باتت لغة التخوين والتسفيه (موضة) بين الثوار والمعارضين اليوم ، في الوقت الذي لا زال فيه نظام القرداحة يتبجح بانتصاراته وينعم بحماية حلفاءه الأقوياء . كلامي هذا كله لم يكن دفاعاً عن الشيخ معاذ ولا عن رسالته ، وإنما كان مجرد صرخة حانقة غاضبة إزاء المنطق الغبي الأهوج الذي سيطر – كالشيطان – على عقول الكثيرين ، محولاً إيانا جميعاً دون أن نشعر إلى مجرد ذئاب مسعورة يعميها الحقد عن التعقل واعتناق الحكمة والمنطق السليم .


رابط الرسالة التي وجهها السيد معاذ الخطيب إلى بشار الأسد :

١٦٢ مشاهدةتعليق واحد (١)

أحدث منشورات

عرض الكل

1 Comment


Mohammad Hashem
Mohammad Hashem
Apr 20, 2019

للأسف ... بعض الثوار صاروا أسوأ من الشبيحة أنفسهم ... منطقاً وفكراً وممارسة.

Like
bottom of page